الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

المقاعد

المقاعدُ كائناتٌ تشعر بدِفْءِ الجالسين عليها وتَشْتاقُ إليهم. تشتاقُ حتى إلى أولئك الذين جلسوا لحظاتٍ قليلةً ثم غادروا المكانَ بلا عودة. فوق أخشابِ المقعد جلس العجوزانِ في انتظار زيارةِ الأحفادِ القادمةِ في عيد الحصاد (تشوسوك). وفوقه جلس المراهقانِ يتبادلان كلماتِ الحب غيرَ عابِِئَيْنِ بما يُخَبِّئُه لهما القدرُ، أو بما يُخطِّطُ لهما دونالد ترامب وكيم جونغ أون. فوق هذا المقعد جلستْ سيدةٌ حسناءُ في مُقتَبَل العمر تتذكَّر رفيقَها المسافرَ وتَتَحَسَّسُ آثارَ قبلاته على وجهِها وأطرافِ أصابعها. وفوقه توقَّفَ طائرٌ لالتقاط بقايا الطعام المتساقطِ من الجالِسِين. في الشتاء تشعر المقاعدُ بالوَحْدة وبرودة الجو، فالثلوجُ لا تتساقط على الأرصفة، والنوافذ، وأسطح البنايات فقط، إنها تسقط في القلب والروح أيضا. كل نُدْفَةٍ (قطعة) من الثلج الأبيض تتساقط من أعلى فوقَ أخشاب هذا المقعد الحزين تُذَكِّرُه بدفءِ عشراتِ الناس الذين جلسوا عليه يتبادلون الحديث والعَنَاقَ أحيانا. سوف يظل هذا المقعد مُنْزَوِيًا في صمتٍ حتى تَنْزاحَ أكوامُ الثلج ويعودَ الربيع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق